سلايدرفن وثقافة

السفير الصيني بالرباط: كتبتُ عن تقاليد المغرب ومعماره ومطبخه ودهشتُ من حفاوة وكرم شعبه

الدار/ تقارير

في كلمة مؤثرة تبرز عمق الانبهار الثقافي والتقدير المتبادل، كشف سفير جمهورية الصين الشعبية بالمغرب، لي تشانغلين، خلال ندوة فكرية احتضنتها الرباط الخميس، أنه كتب العديد من المقالات في صحف ومجلات صينية حول المغرب، مبرزاً غنى تقاليده وأصالته المعمارية، وتنوع مطبخه، وكرم ضيافة شعبه. كما عبر عن إعجابه الكبير بإنجازات المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، الذي أصبح مصدر فخر وإلهام.

تصريحات السفير الصيني جاءت في سياق مشاركته في مائدة مستديرة نظمت يوم الخميس بالعاصمة الرباط، تحت عنوان: “ربع قرن من العلاقات المغربية الصينية: الإنجازات والآفاق”. وقد شكل هذا اللقاء مناسبة لتسليط الضوء على عمق التعاون بين البلدين، الذي عرف خلال السنوات الأخيرة طفرة نوعية شملت مجالات الاقتصاد، التعليم، الثقافة، والطاقة.

أكد السفير لي تشانغلين أن العلاقات بين الرباط وبكين انتقلت إلى مرحلة أكثر نضجاً وتكاملاً، حيث كثّفت الشركات الصينية من استثماراتها داخل المملكة، خصوصاً في قطاعات استراتيجية مثل صناعة السيارات، الطاقات المتجددة، وصناعة النسيج. واعتبر أن هذه الدينامية الاستثمارية تعبّر عن الثقة المتزايدة التي توليها الصين للمغرب كوجهة واعدة وشريك موثوق على المستوى الإفريقي والمتوسطي.

وشدد على أن المستقبل يحمل فرصاً أكبر للتعاون، خاصة في ميادين الثقافة والتعليم، داعياً إلى تعميق الرؤية المشتركة وتعزيز التبادل المعرفي، بما يساهم في بناء شراكة مستدامة ومثمرة.

ومن بين النقاط البارزة التي أشار إليها السفير الصيني، تجربة تصوير الموسم التاسع من البرنامج الصيني الأشهر “المطعم الصيني” بمدينة طنجة ما بين 20 ماي و9 يونيو 2025، وهو أحد أكثر البرامج مشاهدة في الصين. وقد وصف هذا الحدث بأنه فرصة ذهبية لتعزيز إشعاع المدينة دولياً وتقديم صورة حية عن التنوع الثقافي والمطبخي المغربي لملايين المشاهدين في آسيا.

أما الأكاديمي المغربي البارز، الدكتور ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الإفريقي-الصيني من أجل التنمية، فقد سلط الضوء على التجربة الاقتصادية الصينية الناجحة، موضحاً أن هذا الصعود يعود بالأساس إلى تخصيص موارد مالية ضخمة للبحث العلمي والابتكار، تجاوزت سنة 2024 وحدها 500 مليار دولار، غالبيتها تم تمويلها من القطاع الخاص.

ودعا بوشيبة الفاعلين الاقتصاديين المغاربة إلى الاستفادة من هذه التجربة الغنية، خاصة عبر نسج شراكات علمية وتقنية مع مؤسسات صينية رائدة، بما ينعكس إيجاباً على التنمية المحلية ورفع القدرة التنافسية للمملكة.

وفي مداخلة أكاديمية أخرى، أبرزت مديرة معهد كونفوشيوس في الرباط الدور الجوهري الذي يضطلع به المعهد في تعليم اللغة الصينية وتعزيز التواصل الثقافي بين الشعبين. وأوضحت أن المعهد، الذي يُعد ثمرة شراكة بين جامعة محمد الخامس بالرباط والجامعة الدبلوماسية الدولية ببكين، يفتح أبوابه أمام المغاربة من سن الثامنة لتعلم اللغة الصينية لأهداف أكاديمية وسياحية وثقافية.

وأضافت أن المعهد ينظم سنوياً لقاءات وورشات لتعميق فهم المغاربة للحضارة الصينية، وهو ما يعزز جسور التفاهم والحوار بين الضفتين.

وأكد جميع المشاركين في هذه الندوة أن العلاقات المغربية الصينية شهدت دفعة قوية عقب الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى الصين سنة 2016، والتي توّجت بتوقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ. وقد مثّلت هذه الزيارة نقطة تحول جوهرية دفعت بالعلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب من التعاون والتكامل.

تعكس هذه الندوة الفكرية، التي جمعت دبلوماسيين وخبراء ومهتمين بالعلاقات الدولية، حرص البلدين على تعزيز شراكتهما متعددة الأبعاد، سواء على مستوى الاقتصاد أو الثقافة أو البحث العلمي. كما تؤكد أن التقارب المغربي الصيني لم يعد مقتصراً على المصالح التقليدية، بل أصبح نموذجاً لتعاون جنوب-جنوب قائم على تبادل الخبرات واحترام الخصوصيات، في أفق بناء مستقبل مشترك أكثر توازناً وتكاملاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
OSZAR »